
قال هاجر ولا تترد …. فقلت هاجر ولا تتردد
هاجر ﴿وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً﴾، اختم حياتك بالصالحات، فصبرك على ماضيك الصعب لن يذهب أدراج الرياح، سافر وسترى شعوبا وقبائل لهم حضارات وعادات وتقاليد غير تلك التي تربيت عليها، لا تنبهر بحضارتهم فأجدادك وصلوا المجد لما علموا فعملوا فأبدعوا، ﴿فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ﴾ فكانت النتيجة الحتمية: ﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ﴾، ﴿فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا، إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ ولك العبرة بمسلمي الاندلس ونهايتهم المأسوية ولك العبرة بمن يثق بالغرب ثقة عمياء : ﴿إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ﴾ وما قصص محاكم التفتيش عنك ببعيد…
نعم أعلمُ أنهم : ﴿لَيْسُوا سَوَاءً، مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ﴾ ، فلهم معتقدهم، هم على شريعة وأنت على شريعة ودين، والأديان السماوية إنما هي دين واحد ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ﴾ والاختلاف بين الكتب السماوية بتشريعات مختلفة، وقمة احترام معتقد الآخرين مسطور في دينك، تستسقيه من كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، يعطي البشرية حق المعتقد : ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾، ﴿قُل لَّا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾
سافر، فالسفر متعة ومزيد معرفة، ستعرف شعوب العالم، منهم من يعبد البقر ومنهم الفئران ومنهم من يعبد الصليب ومنهم من يعبد الله وحده لا شريك له وستعلم أن شعوب أهل الأرض الآن كلهم لنوح ﴿وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ﴾ ونوح من ولد آدم،
نعم بلادك صفراء وليست خضراء، صفراء في طبيعتها سوداء في جوفها فهي تقع على بحار من البترول والغاز سرقه من تبنى الدين باسم الدين مخالفا للدين، ﴿وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ ،
انت لست عبئا على البشرية، بل ربوك لتكون رقما مسطورا على هوية أصبحت ذات شريحة تتلقف ذهبك ومذهبك وذهابك، أنت مطارد في حياتك، في أفكارك، في مالك، وفي معتقدك، فلربما قد تجد شبه حرية في بلد غربي ثم تنقشع الغيوم لتريك وجها غير الذي انبهرت به وسبحت بحمده، فالغرب يبيعك حتى الهواء الذي كنت تستنشقه في بلادك لكن فلربما لن تعلم بذلك، بل ستلقي باللائمة على تخلف بلادك فقط معللا وجود ذهنيات متحجرة ومجتمع يسبح في النفاق مليئ بالتناقضات والخرافات
لو بحثت قليلا فستقف لا محالة على مخططات هائلة تتآمر عليه وستعلم أن لطف سائق التاكسي والشرطي وعامل المطار او حتى نادل المقهى في بلاد مثل ألمانيا إنما هو من نبع ثقافة وتربية لاكتساب الزبون وطمعا في عودته أو ضمن خصائص المهنة ومتطلباتها، لكن لا تنس أن من وضع خطط هذه التربية والثقافة هو الطابور الخامس أو حكومة العالم الخفية التي تطرح بدائل عن أخلاق الدين والمعتقد السليم
فلربما سنتبهر بثقافتهم وتربيتهم حتى تظن نفسك عبئا على البشرية، وعندما ترى فواتيرك التي تأديها، ستعلم أنك أحد دافعي الضرائب ورقم مضاف إلى أرقام لهم بعض الامتيازات على أرقام تركتها ببلدك ، فقط كنت رقما بلديا فأصبحت رقما روميا
والأيام ستظهر لك أنك حتى وإن عشت كرقم رومي أوربي فسينظر إليك على أنك رقم بلدي أجنبي، وسيبتسم في وجهك على أنك رقم أجنبي وإن أصبحتَ حجةً في عملك، تعلم الأرقام الاوربية حضارتهم وجزءً من حضارتك وأنت تناور بطرق ملتوية
عندما يكون منظارك هو ميزانك القويم وهو ميزان معتقدك وترى من خلاله ما اقترفته من آثام في حق خالقك وحق عباده وفي حق نفسك، ستخجل حقيقة وستعلم أنك كنت تتبع العادة وليس العبادة…. أَنِرْ قلبك بميزان معتقدك لترى ما لديهم من كم وكيف بكل موضوعية: زن اخلاقهم، زن حضارتهم، زن كبائرهم وجرائمهم العظام في حق البشرية
زن قتل الملايين من البشر في حربين طاحنتين، كان من ضحيتها 6 ملايين من اليهود فقط لأنهم كانوا يهودا، زن 200 سنة من الحروب الصليبية، زن الالاف من سياح الجنس ومنها التعدي على الأطفال في دول شرق آسيا، وضحاياهم من بلدك كذلك.
زن واعلم أن الكل موزون عند من ﴿يَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا، وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا﴾ … نعم، وكَفَىٰ به حَاسِباً …. زن عدالتهم وستعلم أنها بعيدة كل البعد أن تكون عادلة بمفهوم العدل المطلق الذي تاريخنا يشهد على حقب فيها تمتع الأجداد بعدل حق.
لا تنبهر بما انبهر به الاخرون، فأنت قادر على أن تكون قدوة في الاخلاق والعمل الجاد والسيرة الحسنة رغم الاكراهات ورغم الاغراءات ورغم ما يحاول البعض اسقاطه على العامة من رؤيته الشخصية، ثم اعلم أن ﴿إِلَىٰ رَبِّكَ الرُّجْعَىٰ﴾ ، وأن ﴿الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾