
تجمع مسلمي فرنسا نشأة مشبوهة وسقوط مدوي
الحلقة الرابعة
تحت مراقبة وتوجيه من مكتبة الاديان التابع لوزارة الداخلية الفرنسية، بدأت عملية الدعاية استعدادا لانتخابات المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية بتعبئة شاملة احتدم الصراع فيها والتنافس بين أربع مكونات أساسية للمشهد الجمعوي الذي يمثل المسلمين بفرنسا، هذه المكونات كانت كالتالي : الفدرالية العامة لمسلمي فرنسا التابعة للمغرب، التي حققت انتصارا في أول استحقاق سنة 2003 بالمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية ثم اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا التابع للخط العالمي لجماعة الإخوان المسلمين الذي حل في المرتبة الثانية ثم فدرالية مسجد باريس التابعة للجزائر والتي حلت في المرتبة الثالثة ثم اللجنة التنسيقية للمسلمين الأتراك في فرنسا.
الشعيبي بموقع قدم في فرنسا يجول في أوروبا
مولت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية حملة 2005 عن طريق موكلها محمد أمين الشعيبي بغلاف مالي قدره ستمائة ألف يورو كان بحوزة محمد أمين الشعيبي الذي تصرف فيه دون أي رقابة، وحسب بعض المراقبين من ذوي الخبرة في المحاسبة فإن هذا الغلاف المالي المحترم لم يصرف منه إلا ربعه بما في ذلك تكاليف نشأة تجمع مسلمي فرنسا. محمد أمين الشعيبي كان في بداية الأمر يحاول جمع الشتات والتوفيق بين الفرقاء، على الأقل ظاهريا، محاولته اعتمدت بالأساس على كونه صاحب مشروع وهو ترتيب الشأن الديني لمغاربة الخارج، في الحالة الفرنسية كان له بديل مختار من طرف وزير الاوقاف والشؤون الإسلامية شخصيا والهدف الضمني لهذه العملية هو إبعاد محمد البشاري عن أي دور في تمثيل مغاربة فرنسا في الشأن الديني المحلي، ولقد وجد مشروع الاوقاف في شخص محمد أمين الشعيبي آذانا صاغية من مجموعة كبيرة من الفرقاء الذي كانوا يعتبرون محمد البشاري مجرد ظاهرة مخبراتية فرنسية خليجية بالدرجة الأولى، أما علاقته بسفير قطر فكانت جد مريبة إلى درجة أن عضوا في مجلس إدارة الفدرالية العامة لمسلمي فرنسا اتهمه اتهاما خطيرا في عرضه وهو ما أكده أحد موظفي الإدارة العامة الفرنسية، مما جعل محمد البشاري يفقد كل مصداقية داخل الفدرالية العامة لمسلمي فرنسا بل حتى بين المكونات الاساسية للمجلس الفرنسي للديانة الاسلامية.
خلال الحملة الانتخابية لاستحقاقات دورة 2005، قام محمد أمين الشعيبي بجولة لبعض الجهات مصطحبا مرافقا في بعض الأحيان وذلك للوقوف على حقيقة تمثيلية المغاربة هناك والاجتماع مع الممثلين المحليين، وكذلك الوقوف على حاجيتهم، من جانبه كان همه هو إعادة الثقة بين مغاربة فرنسا واستشراف المستقبل من خلال المشروع الجديد الذي كان يسميه ترتيب الشأن الديني لمغاربة المهجر. ولقد مكنته تلك الجولة من توسيع دائرة معارفه، كانت نصائحه تتجه حسب مشارب أولائك الممثلين المحلين فعندما يلتقي من يرى فيهم تعاطفا مع حركة اسلامية معينة وأعني هنا بالذكر حركة التوحيد والإصلاح كان يؤكد أنه عليه ألا يظهر ذلك وألا يقول به وأكد أكثر من مرة أنه لا مجال لإظهار أي تعاطف أو انتماء حركة أو حزبي، في نفس الوقت ظهر محمد أمين الشعيبي كعراب لوزير الأوقاف واصفا إياه بأنه عالم مقتدر متمكن من اللغة العربية والإنجليزية وأنه درس بإحدى الجامعات بالولايات المتحدة الأمريكية وأنه متصوف ينتمي إلى الزاوية البوتشيشية وفي هذا توجيه علني بالتظاهر بالتوصف أو الاستقلالية عن كل حركة كانت عالمية أو قطرية. .
كان محمد أمين الشعيبي يغيب في بعض الاحيان عن فرنسا بحكم اسفاره لكل من أيطاليا ألمانيا وانجلترا …. وذلك لنفس المهمة ا لتي أتى من أجلها إلى فرنسا، قليلا ما كان يخبرنا عن الاوضاع هناك ثم أن الاغلبية كانت منهمكة في العمل الميداني في جهتها حتى تكون نتيجة الانتخابات مشرفة للمغاربة.
محمد أمين الشعيبي قبل أن يرسل كموفد من طرف الوزير بصفة رسمية قام بعدة زيارات للمنطقة الجنوبية لباريس حيث يوجد رأس هرم جماعة التوحيد والإصلاح على صعيد أوروبا والذي كان يترأسها أنور اكبيبش، ولقد تبين بالمكشوف أنه كان ينسق مع حركة التوحيد والإصلاح وأنه أخبرهم بمجيئه قبل حلوله رسميا، ومما ساعد على كشف ذلك واستقباله في مطار أورلي ونزوله ضيفا عند المسؤولين لحركة التوحيد والإصلاح هو اعتراف أحد أقطابهم المهمين، وهذه الشهادة سمعتها منه شخصيا، ومما أكد ذلك كذلك هو اختيار العناصر التي كانت مرشحة للالتحاق بالركب الاول المؤسس لفدرالية جديدة هو تجمع مسلمي فرنسا حيث أقصي أحد العناصر المهمة بالفدرالية العامة لمسلمي فرنسا وهو محمد العلوي البرنوصي الذي ساهم بشكل كبير في معارضة محمد البشاري وكان له بالمرصاد في عدة مناسبات.
استطرادا في هذه الحلقة أقول أنه كانت رغبة حركة التوحيد والإصلاح جامحة في الاستحواذ على أي تنظيم جديد يمثل المغاربة وهذا ما سنفصل فيه لاحقا حيث كان الذي يفتتح الجلسات من الحركة والذي يختمها بالدعاء من الحركة، كل ذلك على مرآى ومسمع محمد أمين الشعيبي صاحب “الشكارة” بل هو الذي جعل على رأس التجمع رئيسا طرطورا مخالفا بذلك ما كان يروج له أن عبد الله بوصوف هو الذي سيتولى التنظيم الجديد، هذه الخيانة الواضحة ما هي إلا نتيجة زيارة أمين الشعيبي لصديقه الجديد أمين النجدي الذي أقنع الشعيبي بالتشطيب على عبدالله بوصوف.
وعليه فإن الخروج عن المسار القديم والاستحواذ على الفدرالية الجديدة كان مهندسه والمسؤول عنه وقصب الزاوية فيه هو محمد أمين الشعيبي الذي اختار أعضاء المكتب التنفيذي واحدا واحدا، وأقصى من كانوا يشكلون خطرا على جماعة التوحيد والاصلاح، بل غير حتى التوجه القديم بعدما زار محمد أمين الشعيبي منطقة لالوغين حيث يوجد أمين النجدي الذي حسب شاهد في اجتماع بتلك الجهة قد عارض بشدة اختيار عبدالله بوصوف، أذكر جيدا أن محمد أمين بدأ يغير من كلامه بخصوص عبدالله بوصوف وروج بعد ذلك أن لنا حرية الاختيار عندما نريد الاعلان عن التنظيم الجديد. وسنفصل في هذه النقطة بالذات لاحقا.
‘لا تعيروا هذه الانتخابات الكثير من اهتمامكم فهي فقط مجرد فاصلة أما العمل الجاد فهو ما ينتظركم بعدها
وزير الاوقاف والشؤون الاسلامية كان يتابع عملية الاعداد للانتخابات، كان دوما يردد على مسامعنا أننا كأولاده دون تمييز وأنه لا داعي أن ننشغل كثيرا بالانتخابات فالأهم عنده هو أن ننظم صفوفنا ونرتب أولوياتنا ثم بعد ذلك يكون مشروعنا ببرنامج تحقيق أهداف مسطرة على المدى القريب والمدى المتوسط والمدى البعيد، ‘لا تعيروا هذه الانتخابات الكثير من اهتمامكم فهي فقط مجرد فاصلة أما العمل الجاد فهو ما ينتظركم بعد ها “ كان محمد أمين الشعيبي يرفع له التقارير عقب كل اجتماع أو زيارة جهة أو منطقة بفرنسا وكنت قد كلفت بتحرير بعضها وهو في أرشيفي ليومنا هذا قد يسدل عنه الستار لاحقا إذا اقتضى الأمر. كانت المؤشرات توحي بنصر كبير للمغاربة وذلك تكاثف الجهود وجودة التنسيق بين جميع النقباء الجهويين وجودة العمل الميداني الذي تضامن فيه الجميع تحت اشراف عبدالله بوصوف. كل هذا كان سر الانتصار الجديد للاوائح المغربية في الانتخابات.
وقبيل إجراء الانتخابات زارنا وزير الاوقاف والشؤون الاسلامية بملحق المدرسة لمسجد إفري الذي كنا اتخذناه مقرا مؤقتا، تناولنا جميعا وجبة غذاء في جوء ممزوج بالفرح واستشراف المستقبل
انتهت عملية الانتخابات في كل جهات فرنسا بنجاح منقطع النظير لأن كل الفدراليات شاركت فيه ونزلت بثقلها، هذه العملية كان المحاور الرئيسي فيها للسلطات الفرنسية هو عبدالله بوصوف وكان رجل الساحة فيها بامتياز هو عبدالرحيم البركاوي الذي تصدى على جميع الاصعدة للدعاية المناوئة وهو ما جعل نجمه يسطع عاليا في تلك الفترة إضافة إلى ممثل الفدرالية العامة لمسلمي فرنسا والمدافع عن اللوائح المغربية أمام لجنة التحكيم: عبداللطيف لمسيباك، الذي كان يطمح في نضاله أن يجعل اتحاد المنظمات الاسلامية في مصفه و حيث حجمه الحقيقي.، وأذكر أن أنور اكبيبش اتصل به فؤاد العلوي الذي كان عضوا بلجنة الانتخابات والكاتب العام لاتحاد المنظمات الاسلامية شاكيا أن عبداللطيف يريد أن ينزل الاتحاد في الهاوية ، ولما لم يفلح أنور اكبيبش في الاقناع بدأت أدرع الاتحاد الاعلامية في عميلة قتل الشخصية من خلال الاتهام بالعمالة ، في حين أعتمد أحد أعضاء مسجد باريس أن يخلق شرخا داخل أسرته والتحريض ضده بخصوص حضانة أولاده ، إلى هذا الحد بل ,اكثر وصل التناوش بين الفرقاء
أظهرت نتائج الانتخابات قوة المغاربة في تمثيل المسلمين بفرنسا ونالت لوائحهم قرابة النصف، هؤلاء المنتخبون شكلوا بعد ذلك جمعية تتكلم باسمهم ترقبا لأي عملية تصفية حسابات مع محمد البشاري سموها تجمع منتخبي المجلس الفرنسي للديانة الاسلامية الذي ترأسه عبدالرحيم البركاوي
يوم إعلان الانتخابات تقدم كل متحدث باسم فدراليته ليعقب على نتائج الانتخابات وكان الناطق الرسمي باسم الفدرالية العامة لمسلمي فرنسا عبدالرحيم البركاوي قد أكد احترامه للاتفاق الذي رعته وطلبته السلطات الفرنسية القاضي بمنح الرئاسة لدليل بوبكر عميد مسجد باريس رغم أنه لا يمثل إلا الاقلية داخل المجلس.
ومن الامور التي حدثت واندهشت لها كثيرا لأنها كانت تعبر عن اتفاق سري بين الخط العالمي والخط القطري لحركة الإخوان المسلمين أنه يوم إعلان النتائج من طرف اللجنة المنظمة للانتخابات، وكنت أحد أعضائها، أن اتحاد المنظمات الإسلامية أصر على أن اللائحة بالمنطقة الشرقية لباريس هي لائحة اتحادوليست لائحة مغربية، وكنت ممن يحصيها كلائحة مغربية وكنت ممن دافع عن مصالح أصحابها، وعند احتدم النقاش بين أعضاء اللجنة المنظمة للانتخابات طلب مسؤولو الداخلية الفرنسية أن يدلي أنور اكبيبش برأيه في الموضوع فصرح بأن لائحته لا تنتمي إلى الاوائح المغربية وليست مع الاتحاد محاولا الابتعاد عن كلا التيارين، وكنت قد واجهته بأن هذا ليس رأي الأعضاء الأخرين الذين أعرفهم وهم معه في اللائحة، وهكذا وقع انور أكبيبش في تخبط ورغم ضبابية موقفه أُحْصيَ منتخبو لائحة منطقة شرق باريس ضمن منتخبي اللوائح المغربية…. ولقد لامه على ذلك التهامي بريز الغرباوي في مكالمة هاتفية أمامي وأنا أسمعه مذكرا إياه بالاتفاق الذي أبرماه وكيف له أن ينقض ذلك الاتفاق عند الامتحان، هذا الخبر لم يعقب عليه محمد أمين الشعيبي عند سماعه ولربما كان هو الخبر الذي من أجله أقصيت من مكتب تحمع مسلمي فرنسا .
اللوم الذي ألقى به التهامي بريز الغرباوي على اكبيبش ما هو إلا تأكيد لما كنت سمعته من قبل من مسؤول بحركة المستقبل الاسلامي سابقا وهو مكون لحركة التوحيد والإصلاح والذي أخبرني بموجبه أن هناك اتفاق بين تنظيم الاخوان المسلمين وحركة التوحيد والإصلاح يقضي بأن ينشط كل عضو إخواني بالمغرب متبعا تعاليم التوحيد والإصلاح بالمغرب على ان ينشط كل عضو بحركة التوحيد والإصلاح بفرنسا متبعا تعاليم الإخوان المسلمين بفرنسا، وكنت قد حدثت محمد أمين الشعيبي بهذا الاتفاق وبعد أسابيع أخبرني بأن اكبيبش ينفي ان يكون اتفاق من هذا النوع بين الحركة الأم الإخوان المسلمين وابنها الطبيعي حركة التوحيد والإصلاح
قبل التفصيل في ذلك، نعود إلى عملية الانتخابات وكيف تكللت بنجاح منقطع النظير، كان المحاور الرئيسي فيها للسلطات الفرنسية هو عبدالله بوصوف وكان رجل الساحة الذي سطع نجمه في كل الجبهات هو عبدالرحيم البركاوي إضافة إلى ممثل الفدرالية العامة لمسلمي فرنسا والمدافع عن اللوائح المغربية أمام لجنة التحكيم: عبداللطيف لمسيباك، أظهرت نتائج الانتخابات قوة المغاربة في تمثيل المسلمين بفرنسا ونالت لوائحهم قرابة النصف، هؤلاء المنتخبون شكلوا بعد ذلك جمعية تتكلم باسمهم ترقبا لأي عملية تصفية حسابات مع محمد البشاري سموها تجمع منتخبي المجلس الفرنسي للديانة الاسلامية الذي ترأسه عبدالرحيم البركاوي
تفاجأ الجميع بمكر جديد لمحمد البشاري الذي أراد استعادة زمام الأمور بالفدرالية من خلال عقد مجلس ادارة من قدماء الفدرالية ومعهم الشريف أنداي الدبلوماسي السابق للسنغال وحاولوا اقصاء الاعضاء الجدد الذين كانوا يشكلون الاغلبية بتجميد عضويتهم في بداية الامر قبل أن تصل الأمور إلى المحاكم وأعان محمد البشاري في هذا الامر اتحاد المنظمات الاسلامية بفرنسا الذي أراد أن ينتقم لهزيمته النكراء وكذلك فدرالية مسجد باريس التي لم يرقها قط النصر الثاني على التوالي للمغاربة بالمجلس الفرنسي رغم تنازل المغاربة لدليل بوبكر عن الرئاسة تحت ضغط السلطات الفرنسية.
يتبع
عبدالله أبو صوف الكبش