
كتب صديقي بوريش وصوف، في غضون غشت من هذه السنة، مقالا تحت عنوان متى ينتهي الدجل الأمني الريفي فاستفسرته عن سبب عدم نشره المقال، فأخبرني بأنه قد نشر نصفه على صفحات أحد المواقع وطلب مني أن أنشر المقال كاملا متكاملا كما كُتب فوافقته الرأي، بل وطلب تعديلا بسيطا حتى لا يفهم أنه يكيل تهمة في حق شخص يسقطها على عرق أو جنس بأكمله. فكلمة الريفي لا تعني أبناء الريف كلهم قاطبة بل فقط الذين اشربت نفوسهم الضغينة والحقد والحسد كما حال صاحبينا المعنيين بهذا المقال.
متى ينتهي الدجل الأمني الريفي*؟
لعل الدجل الأمني الذي يمارسه السيد محمد بلحرش، الذي تصفه بعض المنابر بأنه كولونيل في المخابرات العسكرية المعروفة اختصارا ب”لادجيد” والذي هو في نهاية الأمر مجرد مكلف بمهمة، لم يعد يخفى على أحد بل أصبح حديث الساعة هذه الأيام. والحديث عنه وعن ممارساته أصبح يؤرق، أكثر من غيره، هذا الشخص الغريب الأطوار الذي عمل ولا زال يعمل بعيدا عن كل مهنية ومسؤولية بل وبعيدا عن كل مراقبة ومحاسبة.
لا يُعرف البتة عن السيد بلحرش أنه خريج مدرسة عسكرية أو مؤسسة أمنية سواء بالمغرب أو خارجه، اللهم كونه كما أدرج هو بنفسه في سيرته الذاتية أنه تدرب في جهاز استخبارات دولة عربية كان يشرف عليها الوزير القديم صفوت الشريف الذي يعرفه الأمنيون في العالم العربي بطرقه الناعمة لإستدارج زبنائه وابتزازهم… وهو بذلك ممن مروا بالمدرسة الأمنية السيئة الصيت ثم نضيف إلى تدريباته، التركيبة الثقافية والقومجية له، حيث يغلبه طابعٌ يجمع بين المنتقم النفساني والقومجي المتطرف (الريفي المتطرف) والمتسغل وهي سماتُ طَبْعٍ تُوَظَّفُ كلٌ في حينها أو جميعُها في آن واحد… فصاحِبُنا ذو مكيدة إن لم نقل مكائد، لا صديق له إلا من استثناءٍ واحد سيأتي الدور في الكلام عليه، والذين يحومون حوله هم للاستهلاك الحيني، وقد تستمر العلاقة معهم حتى تغلب نفسية المنتقم النفسي والقومي المتطرف (الريفي المتطرف) على طبع المستغل فينكل بمن خالفه إن أمكنه ذلك، وتكون بذلك القومجية الريفية قد أُشْرِبَتْ الانتقام النفسي بنار حقدها الذي لا ينطفأ ولا يخبو لهيبه.
تتوافق مدرسة صوفت الشريف بشكل بعيد مع نفسية المنتقم بلحرش، وإن كانت مدرسة الوزير القديم هي صورة عربية للممارسات الأمنية الأمريكية، كان يشكل إدغار هوفر Edgar HOOVER أحد معالمها وأعمدتها بما عايشه من أحداث على مر ولايات رئاسية لسبع رؤساء للولايات المتحدة الأمريكية، والدارس الأمني لحقبة إدغار هوفر، يعرف انضباط ضباطه والمقربين إليه والإلتزام بالتعاليم وعدم الخوض في أمور لم يوكلوا بها… والانضباط هو ما يفتقده المنتقم النفسي الريفي حيث يخوض في غير مجاله ومهامه وهو بعيد كل البعد عن المهنية والاحترافية بل وجب القول بصراحة وقصد لا يدعان مجالا للريبة والشك أن الذي كلفه بمهمة داخل مؤسسة لادجيد قد أضر بهذه المؤسسة وجنى على المغرب. والسؤال كيف يتم له الترامي لما دون مهامه دون محاسبة ؟
وضربَ لنا مثلا ونسي الأجندة الغير المعلنة !
داخل ساحة فندق من فنادق الرباط كنتُ التقيت بالمكلف بمهمة يوما ما صحبة الوجهة الثانية للعملة الريفية داخل لادجيد (وهو الاستثناء المتحدث عنه سالفا): عبدالله بوصوف، ذلك المبذر الكبير لخزينة مجلس الجالية المغربية بالخارج، كان الإثنان يتحدثان باللهجة الريفية، ولطالما استعملا اللهجة الريفية في أمور خاصة، وكان الموضوع: مقترح الحكم الذاتي للصحراء المغربية ثم انخراط المغرب بعد ذلك في نظام فدرالي يجعل من الريف تحت حكم ذاتي … هذا الموضوع بقي عالقا بذهني حتى جمعتُ عنه معلومات أخرى، فاستنتجتُ ما يصبو إليه الشخصان في الدفع في تزكية المقترح المغربي حتى يتم للريف أن يصبح إقليما في نظام الفدرالية المرتقب…. سوف لن أطيل في هذه النقطة لأنها تستوجب حلقة خاصة مفصلة ربما الإعلان عنها والإعلام لن يكون للعلن بل لخواص الخواص.
إذا كان هذا المقال وهو مجرد تمهيد موجه بالدرجة الأولى إلى الأطباء النفسانيين بلادجيد للوقوف على الحالة النفسية للوجهين للعملة الواحدة محمد بلحرش وعبدالله بوصوف، فسوف تكون لنا وقفات بمقالات مستقبلة موجهة للعموم نتطرق من خلالها لسوء استغلال المنصب والتلاعب في تدبير الشأن الديني لمغاربة أوربا.
الفريق المتكون من العنصرين يعملان سويا، سواءٌ مجتمعان أو متفرقان: أولهما منتقم نفساني وثانيها جاسوس ساحر وللأمانة خائن، كلاهما لا يُؤمَنُ جانبه، فإذا كان الأول متملقا فالثاني متملقا ومتألقا: يسرق قلبك، وعقلك، وفكّرِكْ، ووقتك، ويتبنى عملك ويقصي اسمك حتى لا يظهر إلا اسمه وفصله وخبرته، وينتهكُ خصوصيتك، ويفضح سرِّيتكَ وسريتك وسريرتك، فتُّصِبح علانية… وعند ذكر اسمك أو بعض فضلك للوطن ينبري كخوَّان أثيم كفور بالنعمة فيكيل لك الاوصاف القبيحة والدنيئة ويعتبرك خصما تريد مكانه، يقبِّح صورتك ويبالغ في انتهاك عورتك ….وفي رؤساء لادجيد سمَّاعٌون له مسحورٌون ببيان بهتانه الذي جمع فيهما: إفك مسيلمة الكذاب ومكر بيسمارك Otto Von BISMARCK …
الأول في خدمة الثاني وهما معا في خدمة المشروع الريفي، الثاني يبدي لك ظاهر المحبة والترحاب ويقابلك بالعناق ويوزع عليك سيلا جارفا من الابتسامات لكن إن نظرت إلى إبهامه الأيسر ستلاحظ أنه يفركه ثم سيمر بسبابته اليسرى على شواربه، وهاذان عنوانا افترائه وكذبه. ومن كذبه يغدق عليك ببوح من أرقِّ القصص ويستهوي قلبك وهو يعرض عليك مراجعة الذكريات بمدينة استراسبورغ ومسجدها، بل ويقص عليك إصابته في حادثة أو المرض الذي ألمَّ به، وكل ذلك من قبيل الإستعطاف. أما أصدقاؤه الصادقون يحذرونك من انتقامه ولو بعد حين في حين آراء منتقديه لا تحمل في طياتها ذكريات طيبة حتى أن أحد المقربين إليه سابقا أخبرني شخصيا أنه لم يسدد فاتورة لمصلحة الضمان الاجتماعي والتأمين الصحّي باستراسبورغ تقدر بعشرات الآلاف من اليوروات، وسرد علي وافتراءات له أخرى يندى لها الجبين…
مجلس الجالية بالخارج كان من المفروض أن يكون مجلسا يلف حوله كل الكفاءات المغربية الاستشارية، ينتخب أعضاؤه كل أربع سنوات لكن مع السيد عبدالله بوصوف أصبح المجلس ملكيةً داخل المملكة، أُقصي رئيسُه وانقلب أمينه العام بحكم موقعه في لادجيد على القانون وأصبح يمارس بحرية مطلقة ما يحلو له، ويجمع حوله رهطا من الريفيين النفعيين والاستراسبورغيين، يلمع صورته من خلاله الأقلام المأجورة وكلما انتقده البعض يُسِرُّ لأصحابه : “هذا الناقد له ملف طلب تمويل لأحد مشاريعه وهو يحاول ابتزازي….”
الدكتور عبدالله بوصوف كاتب ؟ بل هو كاذب … وسنقدم لكم لاحقا لائحة بأسماء كل من كتبوا له فنَسبَ كِتاباتهم لنفسه، ومن الكُتَّابِ من سُرقتْ أفكاره ومشاريعه وقدمتْ للمدير العام على أنها ملكة فكرية بوصوفية.
لا أمن ولا أمان مع مسيلمة الكذاب البسماركي لأنه يراوغ كالثعلب وينحني للعواصف عند الشدة. وفي الشدة يدلِّعُك حينئذ بأنعمِ الكلمات وتشمُّ منه عطرا ساحرا يأخذ منك الزفرات، يعطيك من طرف اللسان حلاوة، ويمنيك ويعدك وما يعدك إلا غرورا…يقربك إليه فيبدو وكأنه الصديق الصدوق، وعندما تسنح الفرصة يغدر بك ويعاقبك دون تردد أو رحمة أو رأفة فيحاسبك حتى على مواقفك الوطنية.
هذه نتيجة عصارة تجربة مع مسيلمة الكذاب البسماركي، الذي مهد الطريق للأول ليقتحم عالم مكتب السيد المدير العام … وكم كانت شماتة الإثنين في وقت تسريبات »كريس كولمان « وكيف كالا الشتائم “للغول” الذي ضاعت منه المعلومات فكانت خيبة أمل البديل.
وبناء على ما سبق فإن محمد بلحرش هو مُرجفٌ وَضيعٌ، ويظهر ذلك في أسلوبه باللغتين معا: العربية والفرنسية، حتى وإن اعتمد في وقت من الأوقات على تحرير بعض التقارير بأساليب لأشخاص من خارج المؤسسة الأمنية. ولنا معه وقفات في هذه النقطة بالذات حتى نرد له الصاع وزيادة، كرماء غير بخلاء وبالمجان.
يقول عالم الاجتماع مالك بن نبي: “إذا غابت الفكرة بزغ الصنم” والصنم قد يكون حيا يُرزَقْ أو لأرزاقِ الأخرين مُزهِق، كما هو الحال مع بزوغ الصنم الحي: مسيلمة الكذاب البسماركي “سقرديون”. فإذا كانت الفكرة في دولة الحق والقانون والمؤسسات هي الاستفادة من الكفاءات المغربية العاملة بالخارج، فإن تسيير هذه المؤسسات حسب قوانينها واحترام هيئاتها ومكوناتها هي الطريقة الأنسب في توطيد الثقة بين المواطن المقيم بالخارج وهيئة تمثله، وتفجير الطاقات الموهوبة والسعي وراء جمع الشتات من أجل تقوية ذات الشوكة والعمل بكل روح وطنية في إطار الدبلوماسية الموازية… أما عكس هذا ونقيضه وهو حال مجلس الجالية المقيمة بالخارج تحت إمرة جاهلة بالإدارة أصبح المجلس بلا معنى: جثم على صدره منذ أكثر من عقد من الزمن كأمين عام فَأُعْطِيَ حقُ تهميش كل هيئات المؤسسة وشرذمة أفرادها والانفراد بتدبير شؤونها دون علم تدبير أو إدارة… نعم لقدأعْطِيَ شيكاً على بياض بهدم آليات العمل داخل المؤسسة من خلال تعطيل العمل بقانون مجلس وكان نتيجة ذلك: بروز بعبعٍ صنمٍ له خوار، يلمع صورته على حساب قضايا الجالية وهو القادر على تأويل مقولة مالك بن نبي ولَيِّها مشعراً إياك أنه شارحٌ منفردٌ لأفكار مالك بن نبي… وحتى لا يستغرب القارئ استحضاري لمالك بن نبي في هذا المقال من خلال أفكاره، فإن ذكره لم يكن عبثا بل هو إشارة صريحة للتعريف بفكر خليط يحمله إمام مسجد استراسبورغ القديم امتزجت فيه نظريات علي شريعتي بفكر مالك نبي ووصايا الشيخ البوطي، كل ذلك تحت جلباب الانتهازية والتربص والترقب والتبجح بنوع من الاستعلاء بأنه الشخصية الموسوعة في عالم المخابرات: بمعنى المستشار رقم واحد في الإسلام في مجاله ومحفله.
وعليه فلقد كان يدعي أنه هو المستشار الذي يُمَنِّيك ويعدك ويغريك بأنه سَيُلَمِّعُ صورتك وتصبح مؤلفا مشهورا في المغرب وخارجه من خلال كتابات يكتبها مختصون خصيصا لك بل وستصبح قنصلا للمملكة المغربية لأنه سيدعم ترشحك مدعيا أنه مدركٌ إذا قصد وَوَفِيٌّ إذا وعد، معترف لك، أمامك، بمكانتك وعملك وإخلاصك لوطنك ! أما مع المسؤولين فذلك شأن آخر …. وهذا غيض من فيض من جملة وعود مسيلمة التي طالما رددها على مسامع البعض وكنتُ منهم شخصيا.
وفي نهاية هذا المقال لا يسعني إلا أن أقول: نحن بين يدي سنوات خداعات، يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين، وينطق ويرفع فيها التقارير الرويبضة
هذا المقال هو تمهيد لسلسلة مقالات نتطرق فيها إلى صلب الموضوع ألا وهو تقييم سبع عشرة سنة (منذ 16 ماي 2003) من تدبير الشأن الديني لمغاربة أوربا، وإن وافقنا الوقت فسنكشف ونرد على كل الأقلام المأجورة للسقرديس (الأول) والسرقديون (الثاني) بما يشفي الغليل بل سنحاول تطوير الأمر بوتيرة تصاعدية وتصعيدية ومسؤولة لما فيه خير الجالية والبلاد…
رفع الله عنا وباء كورونا وفساد السقرديس والسقرديون
*أعني بالريفي الذي اشربت نفسه الضغينة والحقد والحسد
ترقبوا مقالنا القادم : بوصوف والأوقاف وبداية تدبير الشأن الديني لأوروبا منذ 2004 (حوار)
أبو عبدالله بُورِيشٍ وَصُوفٍ